أبطال الظل وراء إنجاز منتخب تحت 17 سنة

عندما يتألق منتخب وطني، تتجه الأضواء بشكل طبيعي نحو اللاعبين الشباب على أرض الملعب ومدربهم الرئيسي على دكة البدلاء.
الملحمة التاريخية للمنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سنة خلال كأس العالم الأخيرة، حيث بلغ ربع النهائي مظهرًا موهبة ونضجًا استثنائيين، لا تخرج عن هذه القاعدة.
أسماء مثل آدم بوفندار، أيوب الورغي، أو الحارس طه بنغوزيل أصبحت الآن معروفة لدى جميع المشجعين.
ومع ذلك، خلف هذا الإنجاز المرئي، يختبئ جيش من الظل، منظومة متكاملة من الكفاءات والتفاني، والتي بدونها يستحيل تحقيق مثل هذا النجاح.
هؤلاء هم الأبطال المجهولون، من الاستراتيجيين إلى مسؤولي اللوجستيك، الذين صاغوا هذا الجيل الذهبي وبنوا أسس نجاحه. لقد حان الوقت لتكريمهم.
سعيد شيبا: المايسترو الهادئ
رغم أن اسمه معروف، فإن المدرب سعيد شيبا يجسد تمامًا التواضع والعمل الجاد. كأسد أطلس سابق، يعرف جيدًا ثقل القميص الوطني وأهمية الانضباط.
لكن موهبته الأكبر ربما تكمن في قدرته على القيادة ومنح الثقة لطاقمه. شيبا ليس مدربًا يحتكر الأضواء؛ بل هو الضامن لمشروع جماعي، وهو الذي ينسق عمل العشرات من الأشخاص.
معرفته بكرة القدم للشباب ورؤيته طويلة الأمد كانتا أساسيتين في تحويل مجموعة من المواهب إلى فريق يُخشى جانبه.
الإدارة التقنية الوطنية والكشافة: بناة الظل
حتى قبل صافرة البداية، يكون العمل الأكثر أهمية قد تم بالفعل. فتكوين هذا الفريق هو ثمرة استراتيجية دقيقة قادتها الجامعة.
رؤية استراتيجية للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم
إنجاز منتخب أقل من 17 سنة ليس معجزة، بل هو النتيجة المباشرة للسياسة التي وضعتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
إن قرار الاستثمار بكثافة في الفئات السنية، وتوفير نفس ظروف الإعداد التي يحظى بها المنتخب الأول، واتباع خط توجيهي واضح عبر جميع المنتخبات هو الركيزة الأساسية لهذا النجاح. إنه انتصار هيكلي قبل أن يكون انتصارًا رياضيًا.
خلية الكشف عن المواهب: الباحثون عن الذهب
أحد أكبر أبطال الظل هو بلا شك خلية الكشف عن المواهب التابعة للجامعة. يجوب أعضاؤها أوروبا والمغرب لتحديد المواهب الواعدة من مزدوجي الجنسية والمحليين.
بفضل عملهم الدؤوب، وتقاريرهم المفصلة، وقدرتهم على الإقناع، اختار لاعبون مثل آدم بوفندار (الذي تكوّن في يوفنتوس) أو نوفل الحناش (باريس سان جيرمان) الدفاع عن ألوان المغرب. بدون هؤلاء “الباحثين عن الذهب”، لما كان لهذا الفريق ببساطة نفس الوجه.
الطاقم الفني والطبي: حراس المعبد
حول سعيد شيبا، يدور فريق من المتخصصين الذين يلعبون دورًا أساسيًا في تحقيق الأداء العالي.
محللو الفيديو والمعدون البدنيون
في كرة القدم الحديثة، تُحسم المباريات أيضًا على أجهزة الكمبيوتر وفي قاعات الرياضة. لقد قام محللو الفيديو بتشريح لعب كل خصم لتزويد الطاقم الفني بخطط تكتيكية دقيقة.
من جانبهم، قام المعدون البدنيون بعمل هائل لتمكين اللاعبين الشباب من تحمل الشدة البدنية لكأس العالم، مع تجنب الإصابات وإدارة فترات الذروة البدنية.
الطاقم الطبي ومسؤولو اللوجستيك
أطباء، أخصائيو علاج طبيعي، أخصائيو تغذية… هؤلاء المحترفون يسهرون على مدار 24 ساعة على صحة ورفاهية اللاعبين. دورهم أساسي في الاستشفاء والوقاية من الإصابات.
ولا ننسى أيضًا مسؤولي المعدات واللوجستيك، الذين يضمنون عدم نقص أي شيء للاعبين، مما يسمح لهم بالتركيز بنسبة 100% على كرة القدم.
مركب محمد السادس: مصنع الأبطال
إنه ليس شخصًا، ولكنه بلا شك أحد أكبر صانعي كل النجاحات الأخيرة. مركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة هو الأداة التي غيرت كل شيء. فمن خلال توفير بيئة عمل احترافية للغاية لهؤلاء الشباب البالغين من العمر 17 عامًا، مع بنية تحتية من الطراز العالمي، أتاح لهم الاستعداد في ظروف مثالية، بعيدًا عن أي ضغط خارجي.
في هذا “المصنع للأبطال” تشكلت روح المجموعة وأصبح التميز هو القاعدة.
انتصار جماعي
ملحمة أشبال الأطلس لأقل من 17 سنة هي أكثر بكثير من مجرد نجاح فريق موهوب. إنها انتصار لمنظومة، لرؤية، ولعدد كبير من الأشخاص المتفانين الذين يعملون بعيدًا عن الكاميرات.
من إدارة الجامعة إلى محللي الفيديو، مرورًا بالكشافة وموظفي مركب محمد السادس، كانت كل حلقة في السلسلة أساسية.
إن تكريم هؤلاء الأبطال في الظل هو فهم العمق الحقيقي لنجاح كرة القدم المغربية وإدراك أن المستقبل المشرق الذي يرتسم يعتمد على أسس متينة وجماعية.