ما هي المهمة الجديدة لطارق سكتيوي؟

بعد نشوة الفوز بميدالية برونزية تاريخية في الألعاب الأولمبية بباريس، كان سؤال واحد يتردد على كل الألسنة: ما هي الخطوة التالية لطارق السكتيوي؟
مهندس هذا الإنجاز، الذي عرف كيف يحول مجموعة من المواهب الشابة إلى فريق قاهر، لم يكن من الممكن أن يعود ببساطة إلى الظل. وقد فهمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ذلك جيدًا وأوكلت إليه مهمة جديدة، سرية بقدر ما هي استراتيجية، وربما تكون أكثر أهمية لمستقبل كرة القدم الوطنية.
بعيدًا عن دكة البدلاء والضغط الفوري للنتائج، تتمثل مهمة طارق السكتيوي الجديدة في كونه بانيًا، مشرفًا، وحارسًا للاستمرارية.
إنه دور مصمم خصيصًا لرجل أثبت قدرته على تكوين الشباب والارتقاء بهم.
من الميدالية الأولمبية إلى دور استراتيجي
قرار الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بترقية السكتيوي إلى منصب إشرافي ليس مجرد مكافأة. بل هو خيار استراتيجي ذكي يهدف إلى الاستفادة من خبرة وديناميكية نجاح.
نجاح يستدعي مسؤوليات
لم تكن الميدالية البرونزية مجرد نتيجة رياضية. لقد كانت إثباتًا لصحة منهجية عمل. فقد أظهر السكتيوي قدرته على خلق تماسك جماعي، وإدارة مواهب ذات مواصفات متنوعة، وجعلهم ينخرطون في مشروع مشترك قائم على الانضباط والوطنية.
وقررت الجامعة منطقيًا أن هذه الكفاءات يجب أن توضع في خدمة ليس فريق واحد فقط، بل في خدمة قطاع التكوين الوطني بأكمله.
حارس الاستمرارية الفلسفية
تتمثل المهمة الجديدة لطارق السكتيوي في الإشراف على المنتخبات الوطنية للشباب (تحت 17 سنة، تحت 20 سنة…). ويكمن دوره في ضمان وجود تناسق واستمرارية في مشروع اللعب بين مختلف الفئات العمرية، وصولاً إلى المنتخب الأول بقيادة وليد الركراكي.
لقد أصبح هو الضامن لهوية اللعب المغربية، تلك “الغرينتا” الشهيرة الممزوجة بالجودة التقنية، والتي يجب غرسها منذ سن مبكرة.
أركان مهمته الجديدة
عمليًا، سيرتكز عمل السكتيوي على عدة محاور أساسية لمستقبل كرة القدم المغربية.
ضمان انتقال المواهب
أحد أكبر التحديات التي تواجه أي اتحاد هو عدم “خسارة” مواهبه بين الفئات المختلفة. سيكون دور السكتيوي هو تسهيل انتقال اللاعبين من منتخب إلى آخر (من تحت 17 إلى تحت 20، ثم إلى تحت 23 سنة).
ومن خلال امتلاكه لرؤية شاملة، سيتمكن من تحديد اللاعبين المستعدين لاتخاذ خطوة إلى الأمام والعمل بالتعاون مع مختلف المدربين لضمان اندماج سلس. إنه الجسر بين الأجيال.
الصلة مع الإدارة التقنية الوطنية
لن يعمل طارق السكتيوي بمفرده. بل سيكون حلقة وصل أساسية في الإدارة التقنية الوطنية. ستكون مهمته تطبيق الرؤية طويلة الأمد للجامعة على أرض الواقع، ونقل المعلومات، وتقديم المشورة لمدربي الفئات الصغرى، والتأكد من أن الجميع يسير في نفس الاتجاه.
إنه عيون وآذان الإدارة التقنية الوطنية في قلب منتخبات الشباب.
مرشد للشباب والمكونين
بفضل خبرته كلاعب دولي ونجاحه كمدرب، يتمتع السكتيوي بشرعية طبيعية.
سيكون بإمكانه لعب دور المرشد للاعبين الشباب، وكذلك للمكونين والمدربين الآخرين في فئات الشباب، من خلال مشاركة تجربته وخبرته في المستوى العالي جدًا.
أكثر من مجرد منصب، إرث يُبنى
قد تكون المهمة الجديدة لطارق السكتيوي أقل وضوحًا للجمهور العريض، لكنها أكثر أهمية بما لا يقاس لاستدامة نجاحات كرة القدم المغربية.
بوضعه في هذا المنصب الاستراتيجي، لا تقدم له الجامعة ترقية مستحقة فحسب، بل تضمن استمرار انتقال شعلة النجاح إلى الأجيال القادمة.
لم يعد السكتيوي مجرد مدرب لفريق؛ بل أصبح أحد المهندسين الرئيسيين لمستقبل أسود الأطلس. دور في الظل، ولكنه دور يُبنى فيه إرث أمة كروية.