هل يجب أن يرحل دياز عن الريال؟

كما هو واضح من الصورة، براهيم غير موجود…
الحلم المدريدي، بالنسبة لبراهيم دياز، قد يكون قد تحول إلى سراب. فبعد الأمل الذي أثاره قدوم تشابي ألونسو، جاءت الحقيقة صادمة ببرودة قرار لا يقبل الجدال: جلوسه شبه الدائم على دكة البدلاء خلال بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة في الولايات المتحدة. هذا الحدث ليس مجرد تفصيل عابر، بل هو ناقوس خطر يصم الآذان، ورسالة واضحة من المدرب الجديد تبدو وكأنها تؤكد أنه حتى في ريال مدريد الذي يعيد بناء نفسه، لا يُعتبر الدولي المغربي قطعة أساسية، ولا حتى خيارًا ذا أولوية.
لم يعد سؤال رحيله يُطرح من باب الطموح، بل يكاد يكون من باب الضرورة. أمام ما يشبه مأزقًا رياضيًا، يجب أن يكون التحليل عميقًا، وأن يتجاوز بريق الشعار للتركيز على الجوهر: المسيرة المهنية للاعب في قمة عطائه لا يمكنه تحمل مشاهدة الآخرين يلعبون.
ناقوس الخطر: إهانة مونديال الأندية
لفهم مدى إلحاح الوضع، يجب تحليل ما حدث في الولايات المتحدة. في بطولة كبرى، تُعد الاختبار الحقيقي الأول لمشروع تشابي ألونسو، تم تهميش براهيم دياز إلى مرتبة المتفرج. بينما كان يُنتظر أن يعتمد المدرب الجديد على إبداع لاعبين مثله لترسيخ فلسفته، فضل الاعتماد على لاعبين آخرين، حتى عندما كان أداء الفريق المدريدي يفتقر إلى الإلهام. الرسالة كانت قاسية: في اللحظات الحاسمة، براهيم ليس ضمن المخططات. هذا الإبعاد ليس مجرد إدارة للتشكيلة، بل هو حكم رياضي. إنه يحوّل “مشكلة الأغنياء” المتعلقة بالتشكيلة المكتظة بالنجوم إلى مشكلة شخصية للاعب يرى طريقه مسدودًا.
أسباب الرحيل: عندما يفرض المنطق نفسه
قرار البقاء، الذي كان يمكن الدفاع عنه في السابق، يتآكل يومًا بعد يوم أمام تراكم العوامل التي تدفع حتمًا نحو باب الخروج.
مشروع رياضي بلا مستقبل
الأمل الأولي بأن فلسفة تشابي ألونسو، القائمة على لاعبي خط وسط هجوميين وتقنيين، ستكون في صالحه، اصطدم بجدار الواقع. أظهر المدرب تفضيله للاعبين آخرين، ربما اعتبرهم أكثر توافقًا مع متطلباته التكتيكية أو أكثر موثوقية من الناحية الدفاعية. تبقى الهيكلية الهجومية، بوجود نجوم خارقين مثل كيليان مبابي وفينيسيوس جونيور، عقبة شبه مستحيلة. لم يعد براهيم ينافس على مكان في التشكيلة الأساسية؛ بل ينافس من أجل الحصول على بضع دقائق في نهاية المباريات. في سن الخامسة والعشرين، وبموهبته، يُعد هذا هدرًا للموهبة لا يمكن القبول به.
المخاطرة بمكانته كنجم للمنتخب الوطني
أصبحت هذه الحجة محورية. يستعد المغرب لاستضافة كأس الأمم الأفريقية 2025 والمشاركة في تنظيم كأس العالم 2026. الأمة تنتظر من قائدها الفني أن يكون في قمة مستواه، واثقًا من نفسه، وجاهزًا بدنيًا. هل يمكن للاعب لا يشارك في المباريات المهمة لناديه أن يحمل آمال بلد بأكمله؟ إن افتقاره لنسق المباريات والإحباط المتراكم قد تكون لهما عواقب وخيمة على أدائه مع أسود الأطلس. لكي يكون ملكًا في منتخبه الوطني، لا يمكنه القبول بدور الخادم، حتى ولو في أعظم القصور.
نداء المشاريع التي ستجعله ملكًا
بينما يتجمد وضعه في مدريد، تراه كبرى الأندية الأوروبية الحل لمشاكلها. لم يعد الرحيل يُنظر إليه كهروب، بل كترقية.
- آرسنال: يبحث ميكيل أرتيتا بشدة عن ذلك اللاعب القادر على فك شفرة الدفاعات المتكتلة بالمراوغة والتمرير. براهيم هو النموذج الأصلي للاعب الذي ينقصهم للوصول إلى مستوى أعلى.
- بايرن ميونخ: في خضم إعادة هيكلة قطاعه الهجومي، يحتاج النادي البافاري إلى الإبداع والقوة الهجومية. سيقدم لبراهيم دورًا محوريًا في دوري ستُحدث فيه موهبته دمارًا.
- الدوري الإيطالي: أندية مثل يوفنتوس أو إيه سي ميلان، حيث تألق بالفعل، ستكون مستعدة لتسليمه مفاتيح مشروعها لإعادة بناء أمجادها.
هذه الأندية لا تعرض عليه مجرد مقعد، بل عرشًا.
البقاء: فرضية الفرصة الأخيرة
هل ما زال هناك مجال للإيمان بحدوث تحول؟ حجة البقاء أصبحت الآن واهية وتنبع من العناد أكثر من المنطق الرياضي.
رهان المثابرة
الحجة الوحيدة المتبقية هي حجة القتال. يمكن لبراهيم أن يختار البقاء ليقاتل، على أمل أن تجبر سلسلة من الإصابات أو أزمة نتائج تشابي ألونسو على مراجعة خططه. إنه رهان محفوف بالمخاطر للغاية، قد يكلفه عامًا كاملاً من مسيرته. إنه خيار رجل يرفض التخلي عن حلمه، حتى عندما تشير كل الدلائل إلى أن الوقت قد حان للاستيقاظ.
نهاية الحلم، وبداية المسيرة
لم يعد السؤال هو ما إذا كان يجب على براهيم دياز مغادرة ريال مدريد. لقد قدمت حادثة كأس العالم للأندية إجابة واضحة ومؤلمة. السؤال الحقيقي الآن هو: متى، ولأي مشروع؟ البقاء سيكون عملاً إيمانيًا غير عقلاني يعرض مسيرته في النادي ومكانته في المنتخب للخطر. أما الرحيل فقد أصبح ضرورة حتمية، وفعل نضج للاعب يجب أن يفكر الآن في إرثه. لقد حقق فتى ملقة حلمه بالانضمام إلى مدريد؛ وحان الوقت الآن للرجل ونجم كرة القدم أن يغادره ليبدأ مسيرته كبطل حقيقي.